Return to التحكيم

شروط صحة اتفاق التحكيم

شروط صحة اتفاق التحكيم

الاتفاق على التحكيم هو اتفاق بين الأطراف يتضمن موافقتهم على حل النزاعات التي قد تنشأ بينهم عن طريق التحكيم بدلاً من اللجوء إلى القضاء التقليدي. يتم في هذا الاتفاق تحديد إجراءات التحكيم والشروط التي يجب أن يتم النظر فيها أثناء هذه العملية، ويعتبر الاتفاق على التحكيم وثيقة قانونية تلزم الأطراف بالالتزام بها عندما يحدث نزاع قابل للتحكيم بينهم.

لا يقتصر اتفاق التحكيم على إتاحة الفرصة لأطراف النزاع لاختيار المحكّم بالاتفاق المتبادل بين الطرفين من خلال حجب السلطة القضائية لمحاكم الدولة إلى حد ما، بل يوفر أيضًا حرية تحديد العديد من المسائل، بما في ذلك المكان الذي ستتم فيه إجراءات التحكيم، وجميع القواعد الإجرائية التي يجب اتباعها في الإجراءات وما إذا كان بإمكان المحكمين اتخاذ قرار منصف. يستند التحكيم إلى عقد. اتفاق التحكيم هو اتفاق الأطراف على ترك حل كل أو جزء من المنازعات التي نشأت أو قد تنشأ عن علاقة قانونية تعاقدية أو غير تعاقدية إلى المحكم أو هيئة التحكيم.

وفي حين أن القابلية للتحكيم هي مسألة تتعلق بصحة اتفاق التحكيم، فإن اتفاقية نيويورك تنظم مسألة القابلية للتحكيم بشكل منفصل ومتميز عن صحة اتفاق التحكيم. وبناءً على ذلك، فإن قابلية التحكيم في النزاع مسألة مختلفة عن صحة اتفاق التحكيم. لهذا السبب، إذا تم الادعاء بأن النزاع غير قابل للتحكيم، فسيتم مناقشة قابلية التحكيم بدلاً من صحة اتفاق التحكيم. هناك فرق بين هذين المفهومين من حيث المضمون وكذلك النتائج. ففي حين أن القابلية للتحكيم هي سبب للإبطال يؤخذ في الاعتبار من قبل المحكمة نفسها، فإن الاعتراض بعدم صحة اتفاق التحكيم هو سبب للإبطال، والذي لا يمكن النظر فيه إلا إذا تقدم به الأطراف أثناء الإجراءات، وفقًا لقانون التحكيم الدولي.

القابلية للتحكيم هي قيد قانوني. يمكن التعبير عن مفهوم القابلية للتحكيم بأنها المسائل التي يسمح القانون بحلها عن طريق التحكيم. القابلية للتحكيم هي أحد أهم جوانب صحة اتفاق التحكيم. وتنقسم القابلية للتحكيم إلى قابلية التحكيم الموضوعية والذاتية. وبينما تشير القابلية الموضوعية للتحكيم إلى حقيقة أن النزاع قابل للتحكيم من حيث الموضوع، فإن القابلية الذاتية للتحكيم تتعلق بمسألة ما إذا كان الشخص الطبيعي أو الاعتباري سيكون طرفًا في اتفاق أو إجراء التحكيم.

وإدراكًا لأهمية التحكيم وتزايد تفضيل التحكيم كشكل من أشكال تسوية المنازعات، أصدرت السلطات الإماراتية القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2018، والمعروف باسم قانون التحكيم الإماراتي. وقد ألغى هذا القانون المواد من 203 إلى 218 من القانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 أو قانون الإجراءات المدنية الإماراتي وقدم مزيدًا من التوجيهات الأفضل للتحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وخلافًا للأشكال التقليدية لتسوية المنازعات، يسمح التحكيم للأطراف بإسناد اختصاص تسوية منازعاتهم إلى هيئة تحكيم، وفي هذه العملية، يسلب الاختصاص من المحاكم العادية. وباعتباره وسيلة انتصاف غير عادية، لم يكن خيار التحكيم فعالاً دائماً في الماضي لأسباب مختلفة. وأبرزها (1) أن النزاع يتعلق بمسألة تتعلق بالسياسة العامة، و(2) عدم أهلية الموقّع، و(3) وجود عيب في اتفاق التحكيم. ومن المثير للاهتمام أيضًا ملاحظة أنه في الماضي، كان عدم القدرة على الدفع بوجود شرط تحكيم في الجلسة الأولى تعامله المحاكم على أنه تنازل عن اتفاق التحكيم.

يُعرّف اتفاق التحكيم في المادة 1 من قانون التحكيم الإماراتي بأنه اتفاق الأطراف على إحالة مسألة ما إلى التحكيم، سواء تم هذا الاتفاق قبل نشوء النزاع أو بعده [هل يجب أن يكون ذلك بين علامتي اقتباس؟] ويمكن أن يكون واردًا في عقد معين فيما يتعلق بجميع أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الأطراف، أو باتفاق منفصل، أو من خلال إحالة صريحة باعتبار هذا الشرط جزءًا من العقد [ما هي الإحالة الصريحة؟] بما أن التحكيم كخيار لتسوية المنازعات يتم الاتفاق عليه بموافقة الطرفين، يمكن إبرام اتفاق التحكيم حتى بعد نشوء النزاع وحتى لو كانت الدعوى معروضة بالفعل أمام المحاكم.

شروط صحة اتفاق التحكيم تتطلب التوافق مع الشروط الأساسية لصحة العقود، بما في ذلك وجود الرضا والقبول القانوني السليم، وتحديد المحل المشروع للتحكيم وسببه. بالإضافة إلى ذلك، هناك شروط عامة أخرى ضرورية لصحة أي اتفاق أو عقد، مثل وضوح الموضوع المتفق عليه، والقدرة القانونية للأطراف، وعدم وجود أخطاء أو تضليل في التوقيع على الاتفاق.

شروط صحة اتفاق التحكيم

شروط صحة اتفاق التحكيم

أما الشروط الشكلية والشرط الموضوعية التي استقر عليها الفقه فهي أن يكون الاتفاق مكتوبا وصادرا من شخص له صلاحية الاتفاق على شرط التحكيم , وأن يتضمن الاتفاق على تحديد موضوع النزاع, وذلك على النحو التالي :

الشروط الشكلية :

من بين شروط صحة اتفاق التحكيم، أن يكون مكتوباً، حيث يُعَدُّ هذا النوع من العقود من العقود الشكلية التي لا يكتسب أي تأثير قانوني إلا إذا تمت صياغته بشكل مكتوب محدد، كشرط للتحكيم أو إحالة إلى وثيقة أخرى. ينبغي أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً بشكل واضح ويبدي إرادة الطرفين في اللجوء إلى التحكيم. تُشدِّد بعض التشريعات والمحاكم على ضرورة تنفيذ هذا الشرط.

الكتابة تُعتبر شرطاً أساسياً لصحة اتفاق التحكيم، حيث يجب أن يتم توثيق الاتفاق بطريقة تُثبت قانونياً وجود الاتفاقية. ليس هناك شرط خاص في طريقة الصياغة أو التدوين، أو في اللغة المستخدمة، بل يجب أن تكون الكتابة واضحة بما يكفي لتوضيح إرادة الأطراف في التحكيم، سواء كان ذلك عبر مراسلات، خطابات، أو وسائل اتصال حديثة.

يؤدي وجود شرط التحكيم إلى استبعاد اختصاص القضاء التقليدي، ولذا يجب أن يكون الشرط واضحاً في التعبير عن إرادة الأطراف، دون ترك مجال لوسائل الإثبات البديلة. تُشترط الكتابة في معظم الأنظمة القانونية كشرط لصحة اتفاق التحكيم، ويعاقب عدم الامتثال لهذا الشرط بالبطلان. يُفضل أن تكون الكتابة موثقة بشكل رسمي أو قانوني، والكتابة هنا شرط للانعقاد وليس شرطاً للإثبات. 

الشروط الموضوعية الخاصة :

يُعتبر اتفاق التحكيم عقداً يتطلب لانعقاده توافر الشروط الموضوعية المشابهة لأي عقد آخر، مثل الرضا الحر من العيوب وصدوره من شخص له الأهلية القانونية للاتفاق على شرط التحكيم. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون موضوع النزاع قابلاً للتحكيم، أي أن يكون من الأمور التي يمكن التوصل إليها بواسطة التحكيم وفقاً للقوانين المعمول بها.

الرضـــا في إتفاق التحكيم :

يقصد بالرضا في اتفاق التحكيم توافق ارادة طرفي علاقة قانونية على اتخاذ التحكيم وسيله للفصل في النزاع الحاصل أو الذي قد يحدث بينهما في المستقبل . 

ويتحقق وجود الرضا بشكل عام بموجب الايجاب والقبول وذلك بتعبير احد طرفي العلاقة القانونية عن رغبته في اختيار التحكيم كوسيلة للفصل في النزاع الحاصل بينه وبين الطرف الاخر , وقبول الطرف الاخر هذا الايجاب وموافقته الصريحه على هذا الايجاب .

واذا كان الرضاء شرط أساي لصحة الاتفاق على التحكيم فإنه يشترط أن يكون خاليا من أي عيوب الرضا وهي الغلط والتدليس والاكراه والذي يترتب على توافر أيا منها تعيب الارادة وقابلية الاتفاق للبطلان لصالح الطرف الي تعيبت إرادته.

الغلط في اتفاق التحكيم :

الغلط هو الوهم الذي ينشأ في ذهن أحد المتعاقدين، حيث يتصوّر شيئًا على غير حقيقته ويدفعه للتعاقد. يشترط في حالة الغلط في اتفاق التحكيم أن يكون الغلط جوهريًا، أي أن المتعاقد يثبت أنه كان في غلط، ولولا هذا الغلط لما عقد المشارطة على التحكيم، فتُحكم ببطلانها. تثبت واقعة الغلط هي مسألة تقديرية يعتمد عليها قاضي الموضوع لتقرير ما إذا كان الاتفاق المبرم يتعرض للبطلان بسبب الغلط أم لا.

التدليس في اتفاق التحكيم :

التدليس هو إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه للتعاقد، ويتم ذلك بواسطة استخدام المتعاقد الآخر وسائل احتيالية تدفع المتعاقد إلى التعاقد. يُعتبر التدليس واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة وسائل الإثبات المتاحة.

ويترتب على وقوع التدليس أن يحق للمدلس عليه أن يطلب بطلان العقد، مما يؤدي إلى إبطال اتفاق التحكيم الذي نشأ عن هذا العقد.

الاكراه في إتفاق التحكيم :

الاكراه يُعتبر عيبًا من عيوب الرضا بشكل عام، ويشير إلى إجبار الشخص بطريقة غير مشروعة على القيام بفعل ما دون رضاه. في سياق اتفاق التحكيم، يشمل الاكراه أي عمل يثير في الفرد رهبة أو خوفًا يدفعه إلى التعاقد.

الاكراه يُنقسم إلى نوعين: الأول يؤدي إلى عدم الرضا والاختيار، ويترتب على ذلك إبطال التصرف. أما النوع الثاني، فيعيب الرضا ويجوز للطرف الذي لديه المصلحة في ذلك أن يطلب الالتماس به. يمكن إبطال العقد أو اتفاق التحكيم إذا ثبت أن الاتفاق تم تحت ضغط الاكراه، وهذا يتطلب توضيح وجود الضغط بما يكفي لإثبات وجود الاكراه في الحالة المعينة.

الاهلية :

الاهلية في مجال القانون هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات. وبالنسبة لاتفاق التحكيم، فإنه من الضروري أن تتوافر في أطرافه الاهلية التي يشترطها القانون. لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الذين يملكون الاهلية للتعاقد والتصرف في حقوقهم.

لا يمكن لأولئك الذين يفتقرون إلى الاهلية أو القاصرين أن يبرموا اتفاق التحكيم، ولا يمكن لولي الأمر على القاصر أن يتفق على التحكيم بشأن ممتلكات القاصر إلا بعد الحصول على إذن من القضاء. والمقصود هنا أن الاهلية للأداء اللازمة لصحة الرضا هي الاهلية للتصرف فيما يتعلق بالحق المتفق عليه للتحكيم.

يعود سبب ذلك إلى أن الاتفاق على التحكيم يعني التنازل عن رفع النزاع إلى القضاء العادي.

وأخيراً، يجب أن يكون الطرفان الموقّعان على اتفاق التحكيم مؤهلين. وبعبارة أخرى، إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم فاقدًا للأهلية، فقد يُرفض إنفاذ قرارات التحكيم الأجنبية. لا يوجد نص في قانون التحكيم الدولي بشأن القانون الذي سيتم تطبيقه على أهلية الأطراف. تبرز هنا وجهتا نظر. وفقًا لأحد الرأيين، ينبغي اتخاذ قواعد تنازع القوانين في مكان التحكيم كأساس لتحديد القانون الذي سيطبق على أهلية الأطراف. ووفقاً لرأي آخر، ينبغي تحديد أهلية الأطراف وفقاً لقواعد تنازع القوانين في قانون الدولة التي يُطلب فيها الإنفاذ. كما أن نطاق وحدود الأهلية للدخول في اتفاق التحكيم وأسباب إنهائه يحكمها القانون الذي يحكم الأهلية. وهذا مهم بشكل خاص من حيث قدرة الدولة أو مؤسسات الدولة أو الشركات على الدخول في اتفاقات التحكيم. وقد تكون صلاحيات مؤسسات الدولة أو الشركات الحكومية التي هي طرف في اتفاقية نيويورك لإبرام اتفاقات التحكيم غير معترف بها أو مقيدة أو قد تكون مرهونة باستكمال بعض الإجراءات البيروقراطية مثل الموافقة. في مثل هذه الحالات، غالبًا ما تتم مواجهة اعتراض الطرف الذي خسر القضية خلال مرحلة الإنفاذ على عدم أهلية الطرف الذي خسر القضية. ويتم البت في مثل هذه الاعتراضات على أساس وضع الدولة أو مؤسسات الدولة، ما لم تتعارض من حيث المبدأ مع قواعد حسن النية

 

Permanent link to this article: http://www.e-basel.com/%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b2%d8%a7%d8%b9%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d9%83%d9%8a%d9%85/%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b7-%d8%b5%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d9%83%d9%8a%d9%85/